إعداد _ أشرف المهندس
اللقاء الدينى الأسبوعى مع الدكتور اسماعيل أحمد مرشدي من علماء الأوقاف
يقول تعالي : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ )
ما سر عداوة اليهود للمسلمين ؟ هل يمكن أن تنتهي هذه العداوة ؟ ما جذورها ؟
تأملت الآية فوجدت سر الكراهية كامن فيها . حيث أن اليهود فشلوا في جميع بنودها ففسدت علاقتهم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ علي النحو الآتي :
1-. علاقتهم بالله تعالي :-
لم تتطاول أمة علي الله مثل ما فعل اليهود والدليل علي ذلك
أ- . وصفهم أن لله ولدا وصاحبة وهو المنزه عن ذلك:- (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) , وهذا يتنافي مع صحيح العقيدة (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ) .
ب-. وصفهم الله تعالي بالبخل (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) أي: أنه يبخل علينا بالعطاء كالذي يده مغلولة عن العطاء،
ج-. قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا) ” نزلت هذه الآية في بعض اليهود، قالوا لأبي بكر وقد عرض عليهم الإيمان وقال لهم: قد علمتم أن محمداً صلى الله عليه وسلم مكتوب عندكم في التوراة، فآمنوا به؟ فقالوا: ما بنا إلى الله من فقر، وإنه لفقير إلينا وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان غنياً ما استقرض من أموالنا، فغضب أبو بكر وضرب وجه رئيس لهم ضربة شديدة، وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت عنقك يا عدو الله. فذهب المضروب إلى النبي وشكا إليه بأبي بكر فخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله، قال: قولاً شديداً، زعم عدو الله وحكى ما سمع، فجحد اليهودي ذلك وقال: ما قلت من ذلك شيئاً، فأنزل الله عز وجل تصديقاً لقول أبي بكر وتكذيباً لهم وإنكاراً لكفرهم .
2-. علاقتهم باليوم الآخر :-
أفسدوها بأمرين أ-. قولهم لن تمسنا النار : (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون) . ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) وهي أربعون يوماً، عدد الأيام التي عبدوا فيها العجل.
ب-. قولهم لن يدخل الجنة إلا اليهود ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فلفّ بين القولين ثقة بأن السامع يرد إلى كل فريق قوله وأمناً من الإلباس لما علم من التعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما صاحبه ألا ترى إلى قوله تعالى وَقَالَتِ اليهود لَيْسَتِ النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء. وأمنيتهم أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم وأمنيتهم أن يردوهم كفاراً وأمنيتهم أن لا يدخل الجنة غيرهم هلموا حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة .
3-. علاقتهم بالملائكة وخاصة جبريل وميكال .
أفسدوها بعداوة رغم عدم المشاركة في المأكل والمشرب والملابس وليس لهم أبناء فلما العداء , يقول تعالي :- (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) وقيل: دخل عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم مدارس اليهود يوماً، فسألهم عن جبريل فقالوا: ذاك عدونا يطلع محمداً على أسرارنا وإنه صاحب كل خسف وعذاب، وميكائيل صاحب الخصب والسلام، فقال: وما منزلتهما من الله؟ قالوا: جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وبينهما عداوة، فقال لئن كانا كما تقولون فليسا بعدوين ولأنتم أكفر من الحمير، ومن كان عدو أحدهما فهو عدو الله. ثم رجع عمر فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقال صلى الله عليه وسلم «لقد وافقك ربك يا عمر» .
4- علاقتهم بالكتاب ( التوراة ) و( القرآن)
حرفوها وبدلوها وباعوها بأبخس الأثمان فكيف يؤمنون بالقرآن ( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) طائفة من أسلافهم يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ يعني التوراة. ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ كنعت محمد صلى الله عليه وسلم ، وآية الرجم. أو تأويله فيفسرونه بما يشتهون. وأحبار هؤلاء ومقدميهم كانوا على هذه الحالة، فما ظنك بسفلتهم وجهالهم، وأنهم إن كفروا وحرفوا فلهم سابقة في ذلك.
5-. علاقتهم بالأنبياء :
كفروا ببعضهم كعيس وحاولوا قتله وزعموا ذلك وما قتلوه وما صلبوه واتهموا أمه الصديقة مريم عليها السلام . ومحمد صلى الله عليه وسلم تعرض لمحاولات اغتيال الشاة المسمومة والرحي , وقتلوا سيدنا يحي مهرا لبغي , وشقوا زكريا بالمنشار نصفين . ( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا , وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا , وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ), واتهامات لموسي بالبرص وغيرها وكذا سليمان بالسحر والكهانة .
6-. علاقتهم ببعضهم البعض :-
يقتلون بعضهم بعضا لأغراض دنيوية مخالفين أحكام التوراة يقول تعالي( ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ). نزلت في بني قينقاع وقريظة والنضير من اليهود، وكانت بنو قينقاع أعداء قريظة، وكانت الأوس حلفاء بني قينقاع، والخزرج حلفاء بني قريظة. والنضير والأوس والخزرج إخوان، وقريظة والنضير أيضا إخوان، ثم افترقوا فكانوا يقتتلون، ثم يرتفع الحرب فيفدون أسراهم، فعيرهم الله بذلك.
(بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) يعني عداوة بعضهم لبعض.بأسهم بينهم شديد أي بالكلام والوعيد لنفعلن كذا. والمراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد. وقيل: بأسهم بينهم شديد أي إذا لم يلقوا عدوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس، ولكن إذا لقوا العدو انهزموا.
